تقرير صحفي
نُظمت يومي 26 و27 يونيو 2025 بمدينة مالقا الإسبانية فعاليات النسخة الثالثة من تظاهرة « لقاء الضفتين: الشرق والأندلس »، وهو حدث دولي يجمع بين البعد الاقتصادي والثقافي، ويهدف إلى تعزيز التعاون بين جهة الشرق المغربية وجهة الأندلس الإسبانية. وجاء تنظيم هذه التظاهرة من طرف جمعية الشباب المتوسطي، بشراكة ودعم من وكالة تنمية أقاليم جهة الشرق، وبتنسيق مع غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الشرق، وبشراكة مع مؤسسات إسبانية من بينها مجلس إقليم مالقا وغرفة تجارته.
استثمر المنظمون نجاح النسخة الثانية من اللقاء، التي احتضنتها مدينة الناظور في أبريل 2024، لتوسيع نطاق الشراكات وتعميقها خلال هذا الموعد الجديد، الذي تميز ببرمجة غنية شملت لقاءات مهنية، عروضًا استثمارية، طاولات مستديرة، وزيارات ميدانية لمشاريع ومناطق تنموية بإقليم مالقا.
وقد انطلقت أشغال اليوم الأول بجلسة افتتاحية احتضنها مقر غرفة التجارة بمالقا، بحضور مسؤولين مؤسساتيين واقتصاديين من الضفتين، وممثلي مقاولات وشركات ومراكز استثمار، إلى جانب شخصيات أكاديمية وثقافية، وهو ما أضفى على اللقاء طابعا رسميا وعمليا في آنٍ واحد.
وشهدت الجلسة تقديم عروض متنوعة، أبرزها عرض حول فرص الاستثمار بجهة الشرق من تقديم مدير المركز الجهوي للاستثمار بالناظور، وعرض المؤهلات السياحية للإقليم قدمه المدير الإقليمي للسياحة، بالإضافة إلى عرض حول السياق الاقتصادي والقطاعات الإنتاجية بإقليم مالقا، قدمته غرفة التجارة، كما تم تقديم عرض شامل حول ميناء الناظور غرب المتوسط من طرف ممثل عن إدارة المشروع، أبرز فيه أهمية هذا الميناء كمحور استراتيجي للتجارة البحرية الدولية، وكصلة وصل بين إفريقيا وأوروبا.
وأكدت نائبة رئيس غرفة التجارة بمالقا أن التقدم التكنولوجي يفرض التفكير في شراكات ذكية، مشيرة إلى أن التعاون بين الشرق والأندلس يجب أن يقوم على « الابتكار وتدبير مثالي للموارد »، مع التركيز على السياحة واللوجستيك باعتبارهما رافعتين أساسيتين للنمو المشترك.
من جهتها، شددت رئيسة الجمعية المنظمة، يسرى بوديح، على أن اللقاء يمثل « منصة مؤسسة لشراكة أورو-متوسطية حقيقية »، مثمنة دعم وكالة تنمية الشرق، ومؤكدة أن العمل المشترك بين الفاعلين من الجانبين يجب أن يتحول إلى « مشاريع تطبيقية وشركات اقتصادية تعود بالنفع على الأجيال المقبلة ».
وخلال كلمته، أشار محمد أمباركي، رئيس وكالة تنمية أقاليم الشرق، إلى أهمية دور الشباب في بناء علاقات متوازنة بين الضفتين، مؤكدًا التزام الوكالة بدعم هذا التوجه، ومبرزًا عمق الروابط الحضارية والتاريخية التي تجمع المغرب بالأندلس، والتي يجب استثمارها لصالح التنمية والتعاون الثقافي والاقتصادي.
بدوره، وجه حفيظ الجرودي، رئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة الشرق، دعوة رسمية إلى سلطات مدينة مالقا لفتح خط بحري مباشر بين ميناء بني أنصار ومدينة مالقا، مشيرًا إلى الموقع الاستراتيجي لجهة الشرق، والمشاريع الكبرى التي تعرفها، وعلى رأسها ميناء الناظور غرب المتوسط، داعيًا المستثمرين الإسبان إلى زيارة هذه المشاريع على أرض الواقع.
وتفاعلت مؤسسة الثقافات الثلاث للبحر الأبيض المتوسط مع اللقاء بتأكيد دعمها لكل المبادرات الرامية لتعزيز التقارب بين الضفتين، مشددة على أهمية « إدارة فعالة للتحولات الحضرية والرقمية »، وعلى ضرورة إشراك المجتمعات المحلية في صياغة مشاريع مستدامة تنسجم مع أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة.
وقد شكلت اللقاءات الثنائية B2B إحدى أبرز لحظات البرنامج، حيث تم تنظيم جلسات مباشرة بين رجال الأعمال والمؤسسات من الجانبين، لعرض المشاريع وتبادل الفرص الاستثمارية واستكشاف سبل التعاون، مما أعطى للحدث بعدًا تطبيقيًا وفرصة لتأسيس شراكات ملموسة.
أما اليوم الثاني، فقد خُصص للزيارات الميدانية التي شملت فضاء التكنولوجيا بمدينة مالقا، حيث اطلع الوفد المغربي على نماذج من الابتكار الصناعي والتكنولوجي، وتعرف عن كثب على كيفية اشتغال الحاضنة التكنولوجية التي تحتضن أكثر من 600 مقاولة متخصصة في الذكاء الاصطناعي، الطاقات المتجددة، التكنولوجيا، والصناعات الرقمية. وتم تقديم شروحات موسعة حول آليات الدعم، وتحفيز المقاولات الناشئة، وأنظمة الحوكمة المعتمدة لتوجيه النمو في هذا الفضاء الذكي.
بعد ذلك، انتقل الوفد إلى منطقة أكساركيا، حيث قام بزيارة بلدية تورّوكس، وعقد لقاءً مع مسؤولي المجلس البلدي وممثلي القطاع السياحي، تم خلاله عرض المؤهلات الطبيعية والثقافية للمنطقة، وبحث آفاق التعاون السياحي بين الطرفين، لا سيما في مجالات السياحة القروية، الإيكولوجية، والترويج المشترك لسواحل المتوسط بين جهة الشرق وكوستا ديل سول.
كما تم خلال اللقاء في تورّوكس اقتراح مبادرات للتوأمة، وتنظيم مهرجانات سياحية وثقافية مشتركة، وتبادل الوفود والخبرات، مع التأكيد على أهمية تنويع السوق السياحية وفتح المجال أمام الزوار من الضفتين لاكتشاف التنوع الثقافي والتاريخي لكل منطقة.
في ختام اللقاء، عبّر المشاركون عن ارتياحهم للأجواء الإيجابية التي طبعت هذه الدورة، مؤكدين على ضرورة استمرارية هذه المبادرات، ومقترحين أن تتحول « لقاء الضفتين » إلى منصة سنوية للحوار والتعاون بين الفاعلين الاقتصاديين والمؤسساتيين من المغرب وإسبانيا، بما يضمن تكريس قيم الشراكة المتوازنة والاندماج الأورو-متوسطي على أسس واقعية ومستدامة.